ثالثا: لم يكن مستند الصّحابة عند جمع القرآن في عهد الصّدّيق حفظ الحفّاظ، إنّما كان الحفظ شاهدا مصدّقا، وكان الاعتماد على ما كتب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ما كان الله تعالى ليدع حجّته الباقية على خلقه لا تحملها إلّا قلوب غير معصومة من نسيان أو سهو أو غلط؛ ولذا قام رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بترتيب أمر بقاء هذا القرآن، فاتّخذ له الكتبة العارفين الأمناء، ولم يتركه لمجرّد حفظهم له في صدورهم؛ لذا لم يرد نصّ واحد يوجب على أفراد الصّحابة أو بعضهم استظهار القرآن، وإنّما ندبهم الشّرع إلى ذلك وحثّهم عليه، ولو تعيّن الاستظهار طريقا لحفظ القرآن لفرضه ولو على طائفة.
فكيف يظنّ بعدئذ أنّ شيئا من القرآن قد فات بموت بعض حفّاظه؟
رابعا: إن كان لهذه الرّواية أصل، فيكون القرآن الّذي لم يعلم ولم يكتب هو ممّا نسخت تلاوته، فإنّ بعض الصّحابة بقي يحفظ الشّيء من المنسوخ حتّى بعد جمع القرآن، ممّا يدلّ على إمكان حمل بعض من قتل في حرب الرّدّة لشيء من ذلك، ولذلك نقول: كان مستند الجمع المكتوب الّذي خلّفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، معضّدا بحفظ من شهد العرضة الأخيرة زيد بن ثابت، وإقرار عامّة الصّحابة عليه.
الشّبهة السّادسة: ما روي عن عائشة، رضي الله عنها، قالت:
لقد نزلت آية الرّجم، ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كان في صحيفة تحت