(هَذَا بَاب مَا لحقته / (إِن) و (أَن) الخفيفتان فى الدُّعَاء وَمَا جرى مجْرَاه)
تَقول: أما إِن غفر الله لَك، وَإِن شِئْت: أما أَن، على مَا فسرت لَك فى (أما) أَنَّهَا تقع للتّنْبِيه، وَتَقَع فى معنى قَوْلك: حَقًا، فالتقدير: أما إِنَّه، وَأما أَنه غفر الله لَك فَإِن قلت: فَكيف جَازَ الْإِضْمَار والحذف بِغَيْر عوض؟ فَإِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّك لَا تصل إِلَى (قد) ، لِأَنَّك دَاع، وَلست مخبرا، أَلا ترى أَن الْإِضْمَار قد دخل فى الْمَكْسُورَة لهَذَا الْمَعْنى، وَلَا يدْخل فِيهَا فى شئ من الْكَلَام وَتقول فى الْمُسْتَقْبل على هَذَا الْمِنْهَاج: أما أَن يغْفر الله لَك، تُرِيدُ: أما أَنه، وَإِن شِئْت: أما إِن يغْفر الله لَك، لِأَنَّك لَو أدخلت السِّين أَو سَوف لتغير الْمَعْنى، وَكنت مخبرا، وَلَو أدخلت (لَا) لانقلب الْمَعْنى، وصرت دَاعيا عَلَيْهِ، فَلذَلِك جَازَ بِغَيْر عوض وَلما كَانَت الْمَكْسُورَة / تحذف بتثقيلها مَعَ الضَّمِير فى هَذَا الْموضع ليوصل إِلَى هَذَا الْمَعْنى، وَلَا يَقع ذَلِك فِيهَا فى شئ من الْكَلَام غير هَذَا الْموضع - كَانَت الْمَفْتُوحَة أولى، لِأَن الضَّمِير فِيهَا مَعَ الْعِوَض فَأَما قَوْلك: قد علمت أَن زيد منطلق فَمَعْنَاه: أَنه زيد منطلق وَلَا تحْتَاج إِلَى عوض كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(فى فتية كسيوف الْهِنْد قد علمُوا ... أَن هَالك كل من يحفى وينتعل)