المقتضب (صفحة 247)

(هَذَا بَاب مَا يحذف اسْتِخْفَافًا لأَنَّ اللّبْس فِيهِ مأْمون)

وَذَلِكَ أَنَّ للأَشياءِ أُصولا ثمّ يحذف مِنْهَا مَا يُخرجهَا عَن أُصولها فَمن هَذَا الْمَحْذُوف مَا يبلغ بالشيءِ أَصلَه وَمِنْه مَا يحذف لأَنَّ مَا بَقِي دالّ عَلَيْهِ وإِن يكن ذَلِك أَصلَه فأَما مَا يبلغ بِهِ أَصله فإِنَّ كِنَايَة الْمَجْرُور فِي الْكَلَام ككناية الْمَنْصُوب وَذَلِكَ لأَنَّ الأَصل الرّفْع وَهُوَ الَّذِي لَا يتمّ الْكَلَام إِلاَّ بِهِ كالابتداءِ وَالْخَبَر وَالْفِعْل وَالْفَاعِل وإِنَّما الْمَنْصُوب والمخفوص لِما خرجا إِليه عَن هَذَا الْمَرْفُوع فَلذَلِك اشْتَركَا فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع نَحْو مسلمَين ومسلمِين ومسلمات وَلذَلِك كَانَ مَالا ينْصَرف إِذا كَانَ مخفوضا فتح وَحمل على مَا هُوَ نَظِير الْخَفْض نَحْو مَرَرْت بعثمانَ وأَحمرَ يَا فَتى وَذَلِكَ قَوْلك فِي الْكِنَايَة ضربتك ومررت بك وضربته ومررت بِهِ وضربتهم وَعَلَيْهِم وَاحِد وَتقول هَذَا غلامي وَهَذَا الضاربي فيستويان فإِذا قلت ضَرَبَنِي زِدْت نونا على المخفوض ليسلم الْفِعْل لأَنَّ الْفِعْل لَا يدْخلهُ جرّ وَلَا كسر فإِنَّما زِدْت هَذِه النُّون ليسلم لأَنَّ هَذِه الياءَ تكسر مَا وَقعت عَلَيْهِ فإِن قلت قد قلت الضاربي والياءُ مَنْصُوبَة فإِنَّما ذَلِك لأَنَّ الضَّارِب اسْم فَلم يكره الْكسر فِيهِ وَالدَّلِيل على أَن الياءَ مَنْصُوبَة قَوْلك الضَّارِب زيدا فإِن قلت فقد يدْخل الْفِعْل الكسرة فِي قَوْلك اضربِ الرجل فإِنَّما ذَلِك لالتقاءِ الساكنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015