فقال له: أظنك - أكرمك الله - لم تقبل شهادتي! فقال له: أنت - أكرمك الله - جاد في شهادتك هذه أو هازل؟ فإني أعرفك كثير الهزل، فعرفني إن كنت صدعت بها عن حق، فمثلك لا ترد شهادته، وإن كانت من أهزالك فقد وقفتها. فقام عنه الأعشى منقطع الحجة. فكان يقول بعد ذلك: قاتل الله الأسوار! فلقد قطع بي عن كثير مما كنت أستريح إليه من الدعابة بعد مجلسي معه.
وأنشد: من المتقارب
وتحسب من خبه أنه ... تراه عن الناس في غربه
وما ذاك منه فلا تأمنوه إلا لتمكنه الوثبه
رأيت له ناظرى هرة ... تراءى لها الفأر في ثقبه
إبراهيم بن العباس القرشي قال محمد بن حارث: هو إبراهيم بن العباس بن عيسى بن عمر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، يكنى أبا العباس، استقضاه الأمير عبد الرحمن بن الحكم بمشورة يحيى بن يحيى، فكان محموداً في قضائه، عادلاً في حكومته، متواضعاً في أحواله، غير متصنع، ولا مترفع.
حكى محمد بن عمر بن لبابه قال: كان القاضي أبو العباس المرواني ربما جلس في بيته يقضي بين الناس، وإن جاريته لتنسج في كسر البيت.