وفيها ظهر غليالم بن برناط بن غليالم النازع إلى الأمير عبد الرحمن، القادم إلى باب سدته في سنة اثنتين وثلاثين ومائتين على من حاده من أمته أهل إفرنجة، الذي نصبه الأمير عبد الرحمن لمغاورتهم وأمده بقوته، فاقتحم عليهم بلده في جمعه، فقتل وسبى، وحرق وخرب، وحاصر برشلونه حتى أضربها، وتقدم إلى جرندة، فشارفها، وورد كتابه على الأمير عبد الرحمن يعترف بما كان منه، ويذكر تماديه عليه، فأجيب بالإحماد لفعله، والإرصاد لمكافأته، وكتب إلى عبيد الله بن يحيى عامل طرطوشه وإلى عبد الله بن كليب عامل سرقسطة في إمداده ومعونته وتحريضه على شقاق قومه وتأييد عزيمته.
وفي شهر رمضان منها عزل أيوب بن السليم عن طليطلة ووليها يوسف بن بسيل. وفيها عزل الأمير عبد الرحمن معاذ بن عثمان عن القضاء بقرطبة، وولى مكانه محمد ابن زياد.
وفيها خرج فرج بن خير الطوطالقي بدنهكة وأروش، فأظهر المعصية، وجمع أهل الفساد، فعالجه الأمير عبد الرحمن بالخيل، فحوصر حتى أذعن بالطاعة، وعاد إلى الجماعة، فاصطنعه الأمير ورفع مرتبته، وولاه كورة باجة، فلم يلبث أن انتقض عليه إلى مديدة، وجرت منه خطوب أفسدت الصنيعة؛ ومن ولده بكر بن سلمة المستنزل من ناحية الغرب أيام الخليفة الناصر لدين الله.
فيها ورد كتاب أهل ميورقة على الأمير عبد الرحمن بن الحكم، مستغيثين مما دهمهم من سخطه، مستقيلين لعثراتهم لديه، راغبين في صفحه وإقالته، فعطف عليهم وأقالهم زلتهم، وأجابهم إلى مسألتهم، وأعطاهم ذمته، وجدد لهم عهده.