أكابر الخدم أن تخرجه إلى عريف الخياطين بالقصر، فليقطعه ثوباً للبوسه، ويتخذ منه قلنسوة لحاجبه عيسى كيما يلبساه جميعاً لركوبهما صبيحة غدهما، ويجمع الصناع على إتمامهما للبوسهما، فعاد إليه الخادم بجواب عريف الخياطين، فذكر أن خياطة الجلد لا تمكنهم في مثل الوقت الذي حده، لدقة صنعة الثوب والأناة لنقشه، وتعذر جمع الأيدي عليه، فضلاً عن عمل القلنسوة التي يستأنف تجسيدها لحاجبه من فضل الثوب، ولا بد من الاستيناء بها.

فشق ذلك على الأمير وكسر منه حتى ثناه حاجبه عيسى عن ذلك بلطفه، وهون عليه الخطب، وقال له.

في الذي تحويه خزانة الأمير من الثياب ورفيع القلانس ما فيه مندوحة عن استكداد هذا الثوب الذي لا يؤمن الخطأ في حثه، ولن يفوته نيل ما قام في خاطره منه، لأقرب مداه بحول الله، وتجاوزه بالإبلاء إلى ما سواه، كما أن عندي من جليل خلعه ورفيع قلانسه ما أسره بالتجمل به في خدمته. فليضع عن نفسه العزيزة كلفة هذا في مثل هذا الوقت الضيق، ولينفذ عزمه في تفريج نفسه بنزهته.

فوضع ذلك الرداء على كرسي في المجلس.... الإضراب عنه، والعمل على الحركة صبيحة غد. فنظر عيسى فيما أمره به، وهيأه على رسومه، وانقضى نهارهم، فما هو إلا أن صلى الأمير المغرب، فانتكثت مريرته، وثارت علته، وحضره حمامه، فتهوع، ودعا بالطست، فقاء دماً غبيطاً، وعاود ذلك مراراً، فلم يقلع عنه وجعه حتى لفظ نفسه، فتنوقضى نحبه. وقعد الأمير محمد من ليلته مكانه، فتنظر إلى ذلك الثوب الموشى المرجى قطعه موضوعاً على الكرسي، فعرف شأنه مع والده مساء ليلته، فعجب وقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015