بشأن الدواء، وسألها أن تحذر الأمير من شرب الدواء، ففلعت ذلك خفية، فحذر الأمير، وطار بجناح الإشفاق عليه.

فلما غدا به نصر في اليوم الذي فارقه عليه أظهر الأمير الانكسار عنه، ووصف عائقاً يمنعه منه، وأمر لحينه نصراً بشربه، فكأنه توانى إذ لم يستعد له، فأكرهه عليه، وأسرع الخروج إلى داره، وبادر الإرسال في الطبيب الحراني، فعرفه ما جرى عليه، واستغاثه، فأمره أن يشرب لبن المعز، فآل إلى أن طلب له وجيء به، فأعجل عليه السم، فمات، ولم يشربه.

وذكر الفقيه أبو محمد علي بن أحمد بن حزم أن نصراً هذا الذي إليه تنسب منية نصر - الأثير كان - عند الأمير عبد الرحمن بن الحكم، وكان من الفتيان المنتقين الذين خصاهم أبوه الأمير الحكم من أبناء الناس الأحرار الذين تعبدوا ليستخدمهم داخل قصره وأبوه المعروف بأبي الشمول من أسالمة أهل الذمة من أهل قرمونة، نال بابنه نصر دنيا عريضة، وكان موته قبيل مهلك نصر ابنه بأيام. وأخبار نصر كثيرة.

سنة سبع وثلاثين ومائتين

فيها كانت وقيعة البيضاء، والبيضاء مجاورة لمدينة بقيرة من بلد بنبلونة بين المسلمين والكفرة الجاشقيين، فكان اليوم الأول منها على المسلمين، فاستشهد منهم جماعة، ونالت فيه موسى بن موسى خمس وثلاثون وخزة تخللت حلق درعه، واليوم الثاني كافحهم المسلمون، وقد أخذ المقدمة موسى بن موسى متحاملاً لألم جراحه، فحامى على المسلمين، وحسن غناؤه، فهزم الجاشقيون أعداء الله أفحش هزيمة، وفرشت الأرض بصرعاهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015