وكانت المجلة -أحيانًا- تدعو إلى مسابقة في مادة فكاهية، فقد دعت -مرة- إلى الكتابة في فضل الحمار على الإنسان، وسرعان ما تحول الأمر إلى مادة يمتزج الجد فيها بالهزل، فكتب فؤاد خليل سليم -نائل الجائزة- أن الحمار "يأكل خبزه بعرق جبينه ومن ثم يطعم صاحبه ويتفضل عليه وعلى أهل بيته، أما البشر فقد رأينا منهم غير قليل ممن لا يرى العالم منهم غير الشر" وأخذ الكاتب يعدد مزايا الحمار وسجل في مقالته البيت القائل:

وتشبهوا إن لم تكونوا مثله ... إن الشبه بالحمار فلاح

ولقد استهوى الموضوع بعض الكتاب، فنشرت المجلة في عدد سبتمبر 1907 بتوقيع مستعار. "عريضة إلى الحمار" وضح فيها فضل الحمار على الإنسان؛ لأن طعام غده مضمون لا تؤثر فيه أحداث الزمان، ولا يخيفه ارتفاع أسعار الغذاء، ولا يهمه زيادة أجور الموظفين، ويخاطب الحمار قائلًا:

"أنت لا تشعر بحاجة إلى مرآة تنظر فيها هيئة آذانك الطويلة الجميلة" ثم اتجه إلى تصوير عيوب المجتمع، وتعدد سقطاته بلهجة ساخرة وروح ساخطة، ويوجه كلامه إلى الحمار قائلًا: "أنت لا تفهم ما العدالة فترتج رعبًا إذ تراها مشوشة الأركان بين شرع وقانون وامتياز، ولا تفهم ما هي الذمة والإخلاص فتذوب حسرة إذ ترى الأرواح تطلق عبثًا، والأمهات تدخلنها سمات في أسرة غير أمهات أولادهن والحرائر تقتضي الرذائل أثرهن في الطرق والأزقة ناثرة أبدًا الكلام, ولا أنت تدرك حرمة وقداسة العقل الرفيع فينفعك كيدًا أن تراه قد وضع لخدمة الضار والمشين واستخدم لمدح الممقوت والمهين واستعمل لقيادة الغير سبيل التقهقر. ولوضع الأمة تحت رقبة المستبدين ولتجيب لها عار السكينة إلى التجرد من الشعور الوطني الحقيقي والمزايا المدنية الحقة".

المقالة من الأدب الرمزي، اتخذ الكاتب الحمار فيها وسيلة للتعبير عما في نفسه تجاه أوضاع فاسدة، وانتهز الفرصة فهاجم الذين انصرفوا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015