الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد الهادي الأمين ابن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه الأنصار المهاجرين، ومَن جاء بعدهم من التابعين، ومَن سار على نهجهم، واتبع رشدهم إلى يوم الدين، فرضي اللَّه عنهم أجمعين.
أما بعد:
فهذا عمل تعاون عليه ثلاثة من علماء النحو، استمروا يعملون فيه طوال ست سنوات ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، يعملون فيه بإخلاص وبلا كلال، كل واحد يحث الآخر على الإنجاز والإتقان متحليًا بالصبر والتفاني والإحسان، إن قصر واحد في أمر أكمله الآخر، أو نَسِي واحد شيئًا تداركه وقام به الآخر، حتى خرج العمل والجميع راضٍ عنه، وشاهد له بالتمام والكمال.
والقصة من أولها أن كتاب "المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية" للإمام بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى المصري الإقامة والوفاة، والشهير بالعيني نسبة إلى البلدة التي ولد فيها، وهي: عنيتاب (?) بالشام (762 - 855 هـ) رأيناه كتابًا لا يستغني عنه أحد ممن يشتغل بالنحو معلمًا أو متعلمًا، رأينا كذلك ونحن ندرس هذا العلم طوال ثلاثين عامًا؛ لأن النحو هو الشواهد، وهو التطبيق على كلام العرب، والكتاب المذكور يشرح تلك الشواهد، فيذكر قائليها، ويترجم لهم، ويشرح مفردات الشواهد، ويوضح معناها، ويعربها إعرابًا كاملًا، ويبين وجه الاستشهاد بها، وكلها أمور عظيمة، وأهداف جليلة، ومقاصد مهمة لطالب العلم عامة، وراغب في النحو خاصة، وقد فعل ذلك في عدد كبير من أبيات الشواهد بلغ ألفًا وثلاثمائة وثمانين شاهدًا، وهي في الأكم الأغلب من أكثر شواهد النحو والصرف، جمعها الشارح من شروح الألفية الأربعة المشهورة التي كان بعضها أقدم شرحًا، وبعضها أغزره، وبعضها أقصره، وبعضها لين هذا وذاك، وهي على الترتيب المذكور كالآتي:
1 - شرح ابن الناظم (686 هـ).
2 - المرادي (749 هـ).