وقال ابن عصفور: ولا حجة في ذلك لاحتمال أن يكون القول في البيت غير مجرى مجرى الظن في العمل؛ بل يكون هذا مبتدأ وإسرائين خبره على تقدير مضاف محذوف، أي: مسخ إسرائين، فحذف المضاف ولم يقم المضاف إليه مقامه في الإعراب على قراءة من قرأ: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67] بخفض الآخرة (?).
وقال الشيخ: وقد يمكن أن يكون أراد بقالت ظنت، وكأنها لما قالت هذا إسرائين معتقدة أن الضباب من ممسوخ بني إسرائيل ولم يكن اعتقادها ذلك عن دليل قاطع، فجعل ما اعتقدته من ذلك ظنًّا منها (?).
مَتَى تُقُولُ القُلُصَ الرَّوَاسِمَا ... يَحْمِلْنَ أُمّ قَاسِمٍ وقَاسمَا
أقول: قائله هو هدبة بن خشرم -بفتح الخاء المعجمة بعدها شين معجمة وراء مهملة- العذري شاعر متقدم من بادية الحجاز، وكان راوية الحطيئة، وكان جميل راوية هدبة هذا، وكان كثير راوية جميل، ويقال: الصواب: أم حازم وحازمَا، و"أم حازم": هي أخت زياد (?) بن زيد العذري، وحازم ابنها، وكان هدبة بن خشرم وزياد بن زيد، وهما ابنا عم قد جمعهما سفر مع الحجاج، ومع هدبة أخته فاطمة، فاعتقبوا سوق الإبل، فنزل زياد بن زيد وجعل يحدو الإبل وهو يقول (?):
عُوجِي عَلَينَا وَارْبَعِي يَا فَاطِمَا ... أمَّا تَرَينَ الدّمعَ مِنِّي سَاجِمًا
نَخبُركِ مَا دَامَ البَعِيرُ قَائِمًا ... ...............................
وهي من أبيات كثيرة، فلما سمعه هدبة يتغزل في أخته غضب فنزل عن بعيره وجعل يرتجز ويقول (?):