معطوفة عليها، "وقد حلبت": الخبر، ولم يقل: قد حلبتا؛ لأن التقدير: كم عمة لك قد حلبت وخالة قد حلبت، فاكتفى بأحد الخبرين عن الآخر، وجاز الابتداء بالنكرة لوصفها بالجار والمجرور وهو: لك، وكم في هذا الوجه إما ظرف وإما مصدر، أي: كم حلبت عمة لك، وخالة قد حلبت، أو كم وقت عمة لك وخالة قد حلبت، فالمميز محذوف، والمراد: الإخبار بكثرة الحلبات أو بكثرة الأوقات، إن جعلت كم خبرًا قدرت المميز المحذوف مجرورًا، وإن جعلتها استفهامًا قدرت المميز المحذوف منصوبًا، قوله: "عشاري" منصوب على أنَّه مفعول حلبت.
فإن قلت: ما معنى قد حلبت علي؟
قلت: معناه: حلبت على كرهٍ مني، وهذا كما يقال: باع القاضي عليه داره، والمعنى: كنت أكره وأستنكف أن يحلب أمثالها عشاري، ويشهد لهذا المعنى [قوله] (?): "فدعاء".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "عمة" حيث جاز رفعها على الابتداء، وهو نكرة لوقوعها بعد كم الخبرية (?).
قَد ثَكلَتْ أُمُّهُ مَنْ كنتُ وَاجِدَهُ ... وباتَ مُنْتَشِبًا في بُرْثُنِ الأسَدِ
أقول: قائله هو حسان بن ثابت الأَنْصَارِيّ - رضي الله عنه -، وهو من قصيدة دالية، وأولها هو قوله:
1 - أَمْسَى الخَلَابيبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كثُرُوا ... وابن الفُرَيعَةِ أَمْسَى بَيضَةَ البَلَدِ
2 - يَرْمُونَ بِالْقَوْلِ سِرًّا فيِ مُهَادَنَة ... يُهَدَى إليَّ كَأَني لَسْتُ مِنْ أَحَدِ
3 - قَدْ ثَكلَتْ ............... ... ........................ إلخ (?)