أَلا عِمْ صَبَاحًا أَيُهَا الطَّلَلُ البَالِي ... وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ فِي العُصُرِ الخَالِي
أقول: قائله هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وهذا أول قصيدته اللامية المثبتة في ديوانه.
وهي طويلة من الطويل، وقد سقناها بتمامها فيما مضى (?)، فإن قلتَ: عروض الطويل تكون مقبوضة دائمًا، فما بال امرئ القيس أتى بها على الأصل، وهو عيب عندهم (?)؟
قلتُ: البيت إذا كان مصرعًا لا يقبح فيه ذلك، وإنما يقبح إذا كان غير مصرع وها هنا البيت مصرع، فافهم.
قوله: "ألا عم صباحا" أصله: أنعم صباحًا [حذفوا منه الألف والنون استخفافًا؛ كما يقولون: كل ومر في الأمر من: أكل وأمر، ويقال: عم صباحًا بكسر العين وفتحها، فإذا قيل: عم بالفتح فهو محذوف، من أنعم بفتح العين، وإذا قيل: عم بالكسر، فهو محذوف من أنعِم بكسر العين ويقال: إنه من وَعِمَ يعم؛ على مثال وعد يعد، أو من وَعِمَ يعم؛ على مثال: ومِق يمق، وهو بمعنى: نعم ينعم، وحكى يونس أن أبا عمرو بن العلاء سُئِل عن قول عنترة (?):
....................... ... وَعِمِي صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسلَمي
فقال: هو من نعم المطر إذا كثر، ونعم البحر إذا كثر زبده؛ كأنه يدعو لها بالسقيا، وكثرة الخير. وقال الأصمعي: عم صباحًا، دعاء بالنعيم والأهل، وهذا هو المعروف (?)، وما ذكره يونس غريب، وهذه اللفظة من تحايا الجاهلية، كانوا يحيون بها ملوكهم، وكذلك كانوا يقولون: حياك الله وبياك، وأبيت اللعن ونحو ذلك (?) وقال الأصمعي: كانت العرب في الجاهلية، تقول: أنعم صباحًا دار عبلة، ثم أنشد:
يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالجَواءِ تَكلَّمِي ... وَعَمِي صباحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمي