قال الجاحظ (?): ما ترك الناس شعرًا مجهول القائل قيل في ليلى إلا نسبوه للمجنون، ولا شعرًا هذه سبيله قيل في لبنى إلا نسبوه إلى قيس (?) بن ذريح (?)، وعن الأصمعي: أُلقي على المجنون من الشعر، وأضيف إليه أكثر مما قاله هو.
والبيت المستشهد به من قصيدة من الطويل وأولها (?):
1 - أَيَا جَبَلَيْ نَعْمَانَ باللَّه خَلِّيَا ... طريق الصَّبَا يَخْلُصُ إليَّ نَسِيمُهَا
2 - أَجِدْ بَرْدَهَا أَوْ تَشْفِ مِنِّي صَبَابَةٌ ... عَلَى كَبِدٍ لم يَبْقَ إِلا صَمِيمُها
3 - فإنَّ الصَّبَا رِيحٌ إِذَا مَا تَنَسَّمَتْ ... عَلَى نَفْسِ مَهْمُومٍ تَجَلَّتْ هُمُومُهَا
4 - ألا إِنَّ أَدْوَائِي بلَيْلَى قَدِيمَةٌ ... وأَقْتَلُ أدواءَ الرِّجَالِ قَدِيمُهَا
5 - وإني على ليلى لزارٍ وإنني ... على ذاك فيما بَيْنَنَا مُسْتَدِيمُهَا
1 - قوله: "نعمان" بفتح النون؛ واد في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ويقال له: نعمان الأراك.
5 - قوله: "لزار" أي: عاتب ساخط غير راضٍ، من زريت عليه بالفتح زرايةً وتزريت عليه إذا عتبت عليه، وقال أبو عمرو: الزاري على الإنسان: الذي لا يعده شيئًا وينكر عليه فعله، ومادته زاي معجمة وراء وياء آخر الحروف، قوله: "مستديمها" من استدمت الأمر إذا تأنيت به (?)، والمعنى ها هنا: إني منتظر أن تعتبي بخير.
الإعراب:
قوله: "وإني" إن: حرف من الحروف المشبهة بالفعل يقتضي الاسم المنصوب والخبر المرفوع فالضمير المتصل به اسمه، وخبره قوله: "لزار"، واللام فيه للتأكيد، [وقوله: "على ليلى": متعلق بالخبر] (?)، وقوله: "وإنني": عطف على إني، وهو أيضًا اسمه الضمير المتصل به، وخبره قوله: "مستديمها" والضمير فيه يرجع إلى ليلى، والمجرور في الموضعين يتعلق بمستديمها،