قال: "وإنما أدافع أنا عن أحسابهم" لصار المعنى إلى أنه يزعم أن المدافعة تكون عن أحساب غيرهم؛ كما إذا قال: وما أدافع إلا عن أحسابهم، وليس ذلك مقصوده، بل مقصوده أنه يزعم أن المدافعَ هو لا غيره.

فإن قلتَ: لمَ لا يجوز أن يكون ذلك للضرورة؟

قلتُ: لا يجوز أن ينسب فيه إلى الضرورة؛ لأن أدافع ويدافع واحد في الوزن.

فإن قلتَ: كان يمكنه أن يقول: فإنما أدافع عن أحسابهم أنا، فيقدم الأحساب على أنا.

قلتُ: لو كان كذلك كان الفاعل الضمير المستكن في الفعل، وكان "أنا" الظاهر تأكيدًا له والحكم يتعلق بالمؤكد دون التأكيد؛ لأن التأكيد كالتكرير، فلا يجيء إلا بعد نفوذ الحكم، فلا يكون تقديم: "عن أحسابهم" على الضمير الذي هو تأكيد تقديمًا على الفاعل؛ لأن تقديم المفعول (?) على الفاعل إنما يكون إذا ذكرت المفعول قبل أن تذكر الفاعل، لا بعد أن تذكر الفاعل، وقبل أن تذكر تأكيده، ولا سبيل لك إذا قلت: أنا أدافع عن أحسابهم إلا (?) أن تذكر المفعول قبل ذكر الفاعل؛ لأن ذكر الفاعل هنا هو ذكر الفعل، من حيث إنه مستكن في الفعل فكيف يتصور تقديم شيء عليه؟ (?).

الاستشهاد فيه:

في قوله: "وإنما يدافع عن أحسابهم أنا" حيث أتى فيه بضمير منفصل لغرض القصر فلم يتأت له الاتصال لمعنى إلا؛ لأنا قد قلنا: إن معنى: وإنما يدافع عن أحسابهم أنا: ما يدافع [عن أحسابهم] (?) إلا أنا. فافهم فإنه دقيق (?)، وقال الشيخ عبد القاهر (?): ولا يجوز أن ينسب فيه إلى الضرورة؛ لأنه ليس به ضرورة، وقد حققناه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015