وتكون -أَيضًا- بمعنى: كيف؛ ذكره الأعلم في المخترع، وقال في قوله تعالى: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ} [البقرة: 259] إن معناه: كيف يحيي؟ وقيل ذلك -أَيضًا- في قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] (?)، وقال الضحاك (?): معناه: متى شئتم (?).
مَنْ يَكَدْني بسيئٍ كنتَ منهُ ... كالشَّجا بَينَ حَلْقِهِ وَالْوَريدِ
أقول: قائله هو أبو زيد؛ كذا قاله أبو زيد (?)، وهو من الخفيف.
قوله: "من يكدني": من كاده يكيده كيدًا ومكيدةً، والكيد: المكر، وربما سمي الحرب كيدًا، قوله: "بسيئٍ": من السوء، وأصله: من ساءه يسوءه سوءًا بالفتح نقيض سرّه، قوله: "كنت" بفتح التاء؛ لأنه يمدح بذلك شخصًا، قوله: "كالشجا" بفتح الشين المعجمة، وهو ما نشب (?) في الحلق من عظم أو غيره، قوله: "والوريد" بفتح الواو وكسر الراء، وهو عِرْق غليظ في العنق، قال الجوهري: حبل الوريد: عرق تزعم العرب أنَّه من الوتين، وهما وريدان مكتنفان صفحتي العنق مما يلي مقدمه غليظان (?).
الإعراب:
قوله: "من" شرطية، و"يكدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ فعل الشرط، قوله: "بسيئ" يتعلق بيكدني، قوله: "كنت منه": جواب الشرط، والتاء اسم كان، وقوله: "كالشجا": خبره، والكاف للتشبيه، و"بين" نصب على الظرف مضاف إلى حلقه، و"الوريد": عطف على حلقه، أي: بين حلقه وبين الوريد.