الاستشهاد فيه:

في قوله: "بمستلئم" فإن الأخفش والكوفيين استدلوا به على جواز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر (?)، فإن قوله: "بمستلئم" ظاهر أبدل من قوله: "بي" وهو ضمير الحاضر؛ فعلى هذا يجوز أن يقال: قمت زيد، بأن يكون زيد بدلًا من الضمير الذي في قمت، ولا دليل فيه لجواز أن يكون هذا من باب التجريد كقوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28] فإن جهنم دار الخلد ولكن جرد منها دار أخرى، وجعلت النار هي دار الخلد مبالغة، فكذلك الياء في قوله:

"بي" هي نفس المستلئم، ولكنه جرد من نفسه ذاتًا وصفها بذلك.

فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فما يكون محل مستلئم من الإعراب؟

قلت: الحال من الضمير في "بي" فافهم.

والتجريد (?): هو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة مبالغة في كمالها، وهو على أنواع منها نحو قولهم: لي من فلان صديق حميم، أي: بلغ من الصداقة حدًّا صح معه أن يستخلص منه صديق آخر، ومنها نحو قولهم: لئن سألت لتسألن به البحر، ونحو قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} فإن جهنم هي دار الخلد؛ لكن انتزع منها مثلها وجعلها معدًّا للكفار تهويلًا لأمرها، ومنها مخاطبة الإنسان غيره وهو يريد نفسه كقول الأعشى (?):

وَدِّعْ هَرَيْرَةَ إن الرَّكْبَ مُرتَحِلٌ ... وَهَلْ تُطِيقُ وَدَاعًا أيُّهَا الرَّجُلُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015