وهما من الوافر.
قوله: "أيربوع بن غيط": منادى منصوب، وهم رهط النابغة فاستغاث بهم لعيينة ودعاهم للتعجب منه؛ فقال: أيربوع بن غيط، والمعن بكسر الميم: العريض الذي يتعرض لك، والمعنى: يا عجبًا لعيينة المتعرض لما لا يعنيه ويعود عليه سوء مغبته، قوله: "بني أقيش" بضم الهمزة وفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة، وبنو أقيش: حيّ من عكل أو من أشجع أو من اليمن، ويقال: حي من الجن.
والأصل فيه أن عبسًا قتلت رجلًا من أسد، فقتلت أسد به اثنين من عبس، فأراد عيينة بن حصن الفزاري أن يعين عبسًا وينقض الحلف الذي بين ذبيان وأسد، فقال النابغة: كأنك لسرعة غضبك وشدة نفورك مما لا ينبغي لعاقل أن يتقرب منه كجمل من جمال بني أقيش، وإنما خص بني أقيش؛ لأن جمالهم وحشية مشهورة بالنفور. حتى قيل إن إبلهم كانت من الجن، قوله: "يقعقع" أي: يصوّت، و "بين رجليه بشن" بفتح الشين المعجمة وتشديد النون، وهي القربة اليابسة، وذلك أشد لنفورها.
الإعراب:
قوله: "كأنك" الكاف اسم كأن، وخبره محذوف، والتقدير: كأنك جمل من جمال بني أقيش، فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الخبر قوله: "من جمال بني أقيش" فلِمَ احتاج إلى هذا التقدير؟ قلت: لولا هذا التقدير لم تجد للضمير في قوله: "بين رجليه" ما يعود عليه فافهم.
قوله: "يقعقع": جملة وقعت صفة للمحذوف؛ أعني جمل الذي قدرناه في قوله: كأنك جمل.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "كأنك من جمال بني أقيش" حيث حذف منه الموصوف للضرورة؛ إذ الأصل: كأنك جمل من جمال بني أقيش، فحذف الموصوف للضرورة (?).
وَقَدْ كُنْتُ فِي الحَرْبِ ذَا تُدْرإٍ ... فَلَم أُعْطَ شَيئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
أقول: قائله هو العباس بن مرداس عامر بن حارثة السلمي الصحابي - رضي الله عنه -، أسلم قبل فتح