وثمة أدلة أخرى، منها:
أ- قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218] .
ب- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي" 1.
ج- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه" 2.
فالله عز وجل عند ظن عبده. وعلى العبد أن يحسن الظن بربه كي لا يصيبه القنوط من رحمة الله، ولا اليأس من روحه عز وجل؛ فيبقى متطلعا لما عند الله من الثواب العظيم، راغبا في نيل ما ادخره لعباده المؤمنين ممن النعيم المقيم.
الوقفة الثالثة: مع الركن الثالث: الخوف من الله عز وجل
1- ارتباط الخوف بالرجاء: الخوف مستلزم للرجاء، والرجاء مستلزم للخوف؛ فكل راج خائف، وكل خائف راج؛ فكل راج خائف من فوات مرجوه، وكل خائف يرجو عفو ربه ومغفرته، والخوف بلا رجاء يعتبر يأسا من روح الله وقنوطا من رحمته3.
2- المراد بالخوف: أن يخاف العبد مولاه عز وجل أن يصيبه بعقاب عاجل، أو آجل، فيصيبه في الدنيا بما يشاء -سبحانه- من مصيبة، أو مرض، أو قتل، أو نحو ذلك بقدرته ومشيئته.
وهذا الخوف لا يجوز تعلقه بغير الله أصلا؛ لأن هذا من لوازم الإلهية؛ فمن اتخذ مع الله ندا يخافه هذا الخوف، فهو مشرك4؛ لأن الخوف عبودية القلب، فلا يصلح إلا الله.
ويتبع هذا الخوف: الخوف مما توعد الله به العصاة في الآخرة، من النكال والعذاب يقول تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد} [ابراهيم: من الآية14] .
وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان؛ وإنما يكون محمودا إذا لم يوقع في القنوط من رحمة الله، أو اليأس من روحه سبحانه وتعالى5.