فعلى هذا: يطلق الواحد على المنفرد بخصائصه عما سواه. يقول ابن فارس: "وحد: الواو والحاء والدال: أصل واحد يدل على الانفراد. من ذلك: الوحدة، وهو واحد قبيلته: إذا لم يكن فيهم مثله. قال الشاعر:
يا واحد العرب الذي ... ما في الأنام له نظير
ولقيت القوم موحد موحد، ولقيت الرجل وحده. ولا يضاف إلا في قوله: نسيج وحده"1.
والتوحيد في الاصطلاح: إفراد الله بما تفرد به، وبما أمر أن يفرد به؛ فنفرده في ملكه وأفعاله فلا رب سواه ولا شريك له، ونفرده في ألوهيته فلا يستحق العبادة إلا هو، ونفرده في أسمائه وصفاته فلا مثيل له في كماله ولا نظير له2.
مدى المطابقة بين التوحيد والعقيدة:
حين المقارنة بين "العقيدة"، و"التوحيد" كمصطلحين، نجد أن العقيدة ليست مقصورة على توحيد الله تعالى فحسب، بل هي تشمل التوحيد وزيادة، فيدخل فيها مباحث شتى؛ كالرسل ورسالاتهم، والملائكة وأعمالهم، والكتب السماوية، واليوم الآخر وما فيه، والقضاء والقدر وما يتعلق به، والإمامة، والصحابة. بل يدخل فيها أيضا: موقف المسلمين من الفرق الضالة، وغير ذلك.
فهذا العلم الواسع بما يتضمنه من مباحث، وما يحويه من جزئيات يسمى "التوحيد"
أيضا، كما سماه بذلك علماء المسلمين. ولو تأملنا مدى المطابقة بين كلمة "توحيد"، وبين مفردات العقيدة، لوجدناها جزئية. وهذا يثير تساؤلا مفاده: إذاكانت المطابقة بين كلمة "توحيد" ومصطلح "عقيدة" بما يحويه من مباحث جزئية، فلماذا سمي علم العقيدة بـ"التوحيد"؟ ولم أطلق العلماء في القرون الماضية على ما صنفوه من كتب في علم العقيدة اسم "التوحيد"؟