فلا يخالف ظاهره باطنه؛ بل يتواطأ ظاهره مع باطنه، وما في داخل قلبه مع ما يقوله بلسانه، ويجري على جوارحه من الأعمال. وهذا هو الصدق الذي يمنع من النفاق باطنا.
كذلك لا يظهر على جوارحه ما يناقض ما في قلبه من الاعتقاد بمدلول "لا إله إلا الله" ومقتضاها، واليقين به. وهذا هو الصدق الذي ينافي الكذب ظاهرا.
من الأدلة على هذا الشرط:
1- قول الله عز وجل: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1-3] .
2- قول الله سبحانه وتعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] ؛ فالمنافقون يقولون بألسنتهم؛ لكنهم ينكرون مدلول الشهادة بقلوبهم. لذلك حكم الله عليهم بالكذب، وبأن مجرد القول باللسان لا ينجيهم، بل هم في الدرك الأسفل من النار.
3- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه، إلا حرمة الله على النار" 1.
4- حين علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي شرائع الإسلام، وقال له الأعرابي: والله لا أزيد عليها، ولا أنقص منها، قال رسول صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق" 2.
الوقفة السادسة: مع الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك
المراد بهذا الشرط:
يراد بهذا الشرط: تصفية القلب وتخليصه من كل ما يضاد معنى "لا إله إلا الله"، وتصفية العبادة، وتخليصها من شوائب الشرك والرياء. والإخلاص أن تكون العبادة لله وحده، دون أن يصرف منها شيء لغير الله عز وجل، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل3.