الوقفة الثالثة: منزلة توحيد الألوهية بين أنواع التوحيد
هذا التوحيد هو أول دعوة الرسل1 عليهم الصلاة والسلام؛ فمن أجله أرسلت الرسل؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: من الآية 36] .
وبهذا التوحيد أنزل الله الكتب2؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] .
وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الثواب أو العقاب في الدارين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالتوحيد ضد الشرك، فإذا قام العبد بالتوحيد الذي هو حق الله، فعبده لا يشرك به شيئا، كان موحدا"3.
وهذا التوحيد هو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل الكفار عليه4؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به. فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" 5.
و"لا إله إلا الله" هو معنى توحيد الألوهية، كما سيأتي.
الوقفة الرابعة: الأدلة الشرعية على توحيد الألوهية
"توحيد الله، وإخلاص الدين له في عبادته واستعانته، في القرآن كثير جدا"، كما قال ابن تيمية رحمه الله6. ومن هذه الأدلة الكثيرة: قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: من الأية36] ، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: من الآية23] ، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: من الآية5] ، وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163] .