أما الأمة الوسط: فقد علموا، وعملوا، فهم الذين أنعم الله عليهم؛ عبدوا الله وحده بما شرع، لم يعبدوه بالأهواء والبدع1، ولم ينسوا نصيبهم وحظوظهم في الدنيا2، وقدوتهم في ذلك رسولهم صلى الله عليه وسلم.
الوقفة الثانية: وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق الضالة:
تقدم الحديث عن جوانب من وسطية أمة الإسلام بين الأمم.
ولقد كان أسعد هذه الأمة بهذه الخيرية، أسعدها باتباع الكتاب والسنة، وأحرصها على هديهما قولا وعملا واعتقادا، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
، ثم تابعوهم، ثم التابعون لهم بإحسان من القرون الثلاثة المفضلة التي شهد لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخيرية في قوله: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" 3. فهؤلاء هم خيار الأمة، ثم يلحق بهم من كان على مثل ما كانوا عليه من الهدى والتمسك بالكتاب والسنة في كل زمان ومكان، من أخبر عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث الافتراق بأنهم الفرقة الناجية، وأنهم الجماعة4. وهؤلاء -أعني المتمسكين بالكتاب والسنة، والمتبعين لمنهج الصحابة وسلف الأمة- أصبحوا في هذه الأمة كهذه الأمم بالنسبة للأمم؛ فهم وسط بين فرق هذه الأمة، كما كانت هذه الأمة وسطا بين سائر الأمم. وكل دارس متفحص لأقوال الفرق في مسائل العقيدة وأصول الدين، يدرك أن أهل السنة والجماعة وسط بين الفرق في ذلك.
ومن مظاهر هذه الوسطية: