ولقد كان الفقه يطلق في القرون الأولى على العلم بأحكام الشريعة كلها. ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" 1. وكذا دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- لابن عمه ابن عباس -رضي الله عنهما- كان عاما في الدين كله، لا في مسائل الحلال والحرام فحسب، في قوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"2.
والملاحظ أن المتأخرين خصوا اسم "الفقه" بمعرفة مسائل الحلال والحرام، وغيرها.
سبب تسمية العقيدة بالفقه الأكبر:
سمى العلماء العقيدة بالفقه الأكبر مقارنة بفقه الفروع. فقولنا "الفقه الأكبر" يشعر بأن هناك فقها آخر ليس بأكبر، وهو فقه ما أطلق عليه اسم الفروع.
مؤلفات في القعيدة تحت مسمى "الفقه الأكبر":
أول من استخدم مصطلح "الفقه الأكبر" هو الإمام أبو حنيفة؛ النعمان بن ثابت "ت150هـ"؛ فقد روي عنه كتاب بهذا الاسم، وهو مشهور عند أصحابه3، بحث فيه رحمه الله بعض مسائل الاعتقاد.
وكذلك ينسب للإمام الشافعي؛ محمد بن إدريس "ت204هـ" كتاب باسم "الفقه الأكبر"، عرض فيه مسائل الاعتقاد بالتفصيل4.
ملاحظة: يرد على هذه التسمية ما ورد على تسمية "أصول الدين"؛ فقد يظن البعض أن تسمية العقيدة بالفقه الأكبر، يعني إهمال الفقه الآخر -مسائل الأحكام، والحلال والحرام-؛ لأنه أصغر مقارنة بالأكبر. وهذا الفهم غير صحيح؛ لأن تسمية العقيدة بالفقه الأكبر يعني الاهتمام بها، والبدء بتصحيحها قبل القيام بأداء الأعمال، ولا يعني -بحال- إهمال أداء الأعمال، ومعرفة أدلتها التفصيلية؛ لأن دين الإسلام كل لا يتجزأ، ولا يمكن الاستغناء عن بعضه، والاكتفاء بالبعض الآخر.