ثالثا: إرادة الإنسان بعمله الدنيا من أنواع الشرك الأصغر:
أولا: المراد بهذا النوع
هو أن يعمل الإنسان أعمالا صالحة مما يبتغي بها وجه الله عز وجل، يريد بها وجه الله عز وجل؛ ولكن خالط إرادته ونيته شيئا آخر، كإرادة الدنيا، إما لقصد المال أو الجاه؛ كالذي يجاهد، أو يتعلم العلم ليأخذ مالا، أو ليحتل منصبا؛ أو يتعلم القرآن، أو يواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد، أو نحو ذلك من الأعمال1.
ثانيا: حكم هذا النوع، مع الدليل: إرادة الإنسان بعمله الدنيا محرم، والدليل
1- من كتاب الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15-16] ؛ فأخبر سبحانه وتعالى أن من كانت الدنيا همه وطلبته، جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء2.
2- ومن السنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله! رجل يريد الجهاد، وهو يبتغي عرضا من أعراض الدنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أجر له". فأعاد عليه ثلاثا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أجر له" 3.
ثالثا: الفرق بين الرياء والسمعة وبين إرادة الإنسان بعمله الدنيا
العامل بهذه الأنواع يعمل العمل الصالح مما يبتغي به وجه الله؛ ولكن المرائي أو المسمع يريد رؤية الناس أو سماعهم، ويقصد من ذلك أن يمدحوه ويعظموه، ويطمع أن ينال الجلالة في أعينهم. أما من كان يريد بعمله الدنيانفهو يعمل لأجل الدراهم، أو لشيء من متاع الدنيا، فهو أعقل من الأول، وإن كان كلاهما خاسرا -والعياذ بالله4.