4- قول الله عز وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22] ؛ فقطع الله الأسباب التي يتعلق بها المشركون قطعا؛ لأن المشرك إنما يتخذ معبوده لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع.
والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريد عابده منه؛ فإن لم يكن مالكا، كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا له، كان معينا له وظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا، كان شفيعا عنده؛ فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مرتبا منتقلا من الأعلى إلى ما دونه؛ فنفى الملك، والشركة، والمظاهرة، والشفاعة التي يظنها المشرك، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشفاعة بإذنه1.
خامسا: ما هي الشفاعة التي يقبلها الله عز وجل؟ الشفاعة التي تقدمت هي الشفاعة الشركية التي في قلوب المشركين المتخذين من دون الله شفعاء، وهي التي نفاها الله عز وجل.
ولكنه سبحانه لم ينف الشفاعة مطلقا؛ بل أخبر ان هناك شفاعة مقبولة عنده؛ وهي الشفاعة الصادرة عن إذنه، لمن وحده؛ فالشفاعة التي يقبلها عز وجل هي التي جمعت شرطين: أحدهما: إذنه سبحانه وتعالى بالشفاعة؛ لأن الشفاعة كلها له وحده، كما قال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: 44] ، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] ؛ فلا يشفع أحد؛ لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا بإذنه عز وجل. والشرط الثاني: أن يرضى سبحانه وتعالى عن المشفوع فيه، وهذا يتطلب أن يكون من أهل التوحيد الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء، كما قال سبحانه: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] ؛ فلا يشفع أحد؛ لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا بإذنه عز وجل، والشرط الثاني: أن يرضى سبحانه وتعالى عن المشفوع فيه. وهذا يتطلب أن يكون من أهل التوحيد الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء، كما قال سبحانه: {ولا يشفعون الا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28] ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه" 2؛ فشفاعته صلى الله عليه وسلم -بعد إذن الله عز وجل له بها- لا ينالها إلا أهل التوحيد الخالص، وهذا عكس ما عند المشركين الذين زعموا أن الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء، وعبادتهم وموالاتهم من دون الله3.
فالشفاعة المثبتة المقبولة -إذا- هي التي جمعت شرطين؛ إذن الله عز وجل للشافع أن يشفع، ورضاه سبحانه وتعالى عن المشفوع
. يقول عز وجل: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26] .