ثالثا: نوعاه
قبل التعرض لنوعي الشرك في الدعاء، يستحسن ذكر نوعي الدعاء؛ لأن الشرك يقع فيهما؛ فالدعاء نوعان: دعاء مسألة وطلب، ودعاء عبادة وثناء1. وفي النوعين طلب التوصل والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى؛ سواء أكان على وجه السؤال لله عز وجل، والاستعاذة به، رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار، وهذا دعاء المسألة والطلب. أم كان على وجه عبادته عز وجل، طاعته، وامتثال أمره، والانتهاء عن نهيه، وهذا دعاء العبادة والثناء2.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذين النوعين: "إن المعبود لا بد أن يكون مالكا للنفع والضر؛ فهو يدعى للنفع والضر دعاء مسألة، ويدعى خوفا ورجاء دعاء العبادة؛ فعلم أن النوعين متلازمان"3؛ فمن صلى، أو صام، أو توجه إلى الله عز وجل وسأله دعاء طلب ومسألة؛ فهو راج له، خائف منه4.
والله عز وجل يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] ؛ فجعل سبحانه الدعاء عبادة.
والآن، وبعد أن عرفنا نعي الدعاء، نقول: إن شرك الدعاء يقع في هذين النوعين؛ إما شرك في المسألة والطلب، أو شرك في العبادة والثناء.
رابعا: كيف يقع الشرك في هذين النوعين؟
إذا توجه الإنسان بواحد من هذين النوعين لأحد غير الله عز وجل؛ فقد أشرك.
فيقع الشرك في النوع الأول؛ دعاء العبادة؛ إذا صرف العبد شيئا من العبادة لغير الله عز وجل، يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فقد كفر كفرا مخرجا عن الملة؛ فلو ركع