اليماني ومن مواد أخرى قد تكون من وضعه، أو من صنعة آخرين، صنعوها قبله، فأخذها من ألسنة الناس، مثل تلك القصائد والأشعار الكثيرة المنسوبة إلى التبابعة وغيرهم. وقد أورد في الكتاب أسماء أُخذت من التوراة ذكرها بنصها كما تلفظ بالعبرانية؛ مما يبعث على الظن أنها أخذت من مورد يهودي1. وأما سائر الأخبار الورادة في الكتاب، فالغالب عليها السذاجة؛ إذ لا نجد فيها عمقًا ولا مادة تأريخية غزيرة كالمادة التي نجدها في مؤلفات ابن الكلبي، وفي مؤلفات الهمداني الذي عاش بعده.

وأودّ أن ألفت أنظار العلماء إلى أهمية روايات "وهب بن منبه" وأخباره بالنسبة إلى من يريد الوقوف على الدراسات التوراتية والتلمودية في ذلك العهد؛ ففيها فقرات كثيرة زعم "وهب" أو آخرون قالوا ذلك على لسانه، أنها قراءات أي ترجمات أُخذت من التوراة ومن كتب الله الأخرى. وإذا ثبت بعد مقابلتها بنصوص التوراة والتلمود والمشنا وغيرها من كتب اليهود، أنها من تلك الكتب حقًا، وأنها ترجمان صحيحة، فنكون قد حصلنا بذلك على نماذج قديمة لمواضع من تلك الكتب قد تفيد في إرشادنا إلى ترجمات أقدم منها، كما تعيننا في الوقوف على النواحي الثقافية للعرب في ذلك العهد.

ولأبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 204 أو 206هـ، فضل كبير على دراسات تأريخ العرب قبل الإسلام؛ فأغلب معارفنا عن هذا العهد تعود إليه2. وقد سلك مسلكًا جعله في طليعة الباحثين في الدراسات الآثارية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015