نطلق لفظة "العرب" اليوم على سكّان بلاد واسعة، يكتبون ويؤلفون وينشرون ويخاطبون بالإذاعة والتلفزيون" بلغة واحدة، نقول لها: لغة العرب أو لغة الضاد أو لغة القرآن الكريم. وإن تكلموا وتفاهموا وتعاملوا فيما بينهم وفي حياتهم اليومية أدّوا ذلك بلهجات محلية متباينة؛ ذلك لأن تلك اللهجات إذا أًرجعت رجعت إلى أصل واحد هو اللسان العربي المذكور، وإلى ألسنة قبائل عربية قديمة، وإلى ألفاظ أعجمية دخلت تلك اللهجات بعوامل عديدة لا يدخل البحث في بيان أسبابها في نطاق هذا البحث.
ونحن إذْ نطلق لفظة "عرب" و"العرب" على سكان البلاد العربية؛ فإنما نطلقها إطلاقًًا عامًا على البدو وعلى الحضر، لا نفرق بين طائفة من الطائفتين، ولا بين بلد وبلد. نطلقها بمعنى جنسية وقومية وعلم على رسٍّ له خصائص وسمات وعلامات وتفكير يربط الحاضرين بالماضين كما يربط الماضي بالحاضر.
واللفظة بهذا المعنى وبهذا الشكل، مصطلح يرجع إلى ما قبل الإسلام؛ ولكنه لا يرتقي تأريخيًّا إلى ما قبل الميلاد، بل لا يرتقي عن الإسلام إلى عهد جدّ بعيد؛ فأنت إذا رجعت إلى القرآن الكريم، وإلى حديث رسول الله، وجدت للفظة مدلولًا يختلف عن مدلولها في النصوص الجاهلية التي عُثر عليها حتى الآن أو في التوراة والإنجيل والتلمود وبقية كتب اليهود والنصارى وما بقي من مؤلفات