مبلغًا لا يسعفه على ركوب تلك السفينة واستنشاق هواء ذلك البحر، وقد غبط الإسكندر الذي سبقه إلى هذا المكان بمئات من السنين، وكان أصغر منه سنًّا، فبلغ مبلغًا لم يصل إليه ملك هذا الإمبراطور1.
وقد كان على مقربة من "الرها" صلى الله عليه وسلمdessa سيد قبيلة عربية اسمه "معنو" Ma'nu أي "معن" وكان يحكم العرب المجاورين. ولما طلب القيصر "تراجان" حضوره إليه لمكالمته لم يلب طلبه بالرغم من علامات الود التي أظهرها له. ذلك؛ لأن القيصر كان يشك في نياته، فخاف أن يقبض عليه، وتراجع إلى مواضع بعيدة، فاستولى الرومان على "سنجار" Singara وكانت تابعة له. وقد نزل العرب فيها واختلطوا بسكانها الأصليين2.
لقد كان البخور رأس بضائع العالم الثمينة المطلوبة في ذلك العهد، كان سعره يساوي سعر الذهب والبترول في هذه الأيام. ولم يكن يشتريه لغلائه هذا إلا رجال الدين، لاستعماله في الشعائر الدينية التي تستنزف القسم الأكبر منه، والملوك والأثرياء، وذلك لحرقه في المناسبات الدينية وفي اجتماعاتهم. ونجد المؤرخ الكاتب "بلينيوس" يشتكي من تبذير "نيرون" عاهل "رومة" "54- 68م" من إسرافه في حرق البخور واللبان لإجراء شعائر جنازة زوجه المتوفاة، فقد كلف حرق تلك المادة الضرورية في مثل هذه المناسبات خزينة ثمنًا باهظًا لارتفاع أسعارها في ذلك الزمن3.
وآخر ما يقال عن تدخل الرومان في شئون جزيرة العرب، هو أن القيصر "سبتيموس سفيروس" Septimus Severus، أرسل حملة عسكرية في سنة "201م" توغلت في "العربية السعيدة"، غير أن معارفنا عنها قليلة، فلا نعلم إلى أين وصلت وكيف انتهت4. ولعلها كانت قد تقدمت من "المقاطعة العربية" وهي المقاطعة الجديدة التي أوجدها الإمبراطور "تراجان" على حطام مملكة النبط. وكان الذي قاد الحملة العسكرية على "العربية السعيدة" صلى الله عليه وسلمudaimon صلى الله عليه وسلمrabia ابن القيصر "سبتيموس سفيروس"5، وقد اشتهر فيها،