الفحول وما مدح به هو وأهل بيته؛ فصار ذلك إلى بني مروان أو ما صار منه"1. وورد عن "حماد الرواية" أنه ذكر أن النعمان ملك الحيرة أمر فنسخت له أشعار العرب في الطّنوح، وهي الكراريس؛ فكتبت له ثم دفنها في قصره الأبيض. فلما كان المختار بن أبي عبيد، قيل له: إن تحت القصر كنزًا، فاحتفره، فأخرج تلك الأشعار2.

ووردت عنه أيضًا حكاية أهل مكة للمعلقات على الكعبة3. ووردت أخبار أخرى تدل على وجود تدوين للشعر عند الجاهليين؛ إلا أننا لا نجد حمادًا ولا غير حماد ينص على أنه نقل ما دوّنه من تلك الموارد المدونة أو من غيرها مما وجده مدوّنًا. وهذا ما حدا بالعلماء قديمًا وحديثًا إلى البحث في هذا الموضوع: موضوع الشعر الجاهلي من ناحية وجود تدوين له، أو عدم وجود تدوين له. وأثر ذلك على درجة ذلك الشعر من حيث الصحة والأصالة والصفاء والنقاء4.

وفي الشعر الجاهلي الواصل إلينا، شعر صحيح وشعر موضوع منحول حمل على الشعراء. وقد شخص أهل الفراسة بالشعر الصحيح منه ونصوا على أكثر الفاسد منه. ولم يقل أحد منهم أن الشعر الجاهلي موضوع كله فاسد لا أصل له. فدعوى مثل هذه، هي دعوى كبيرة لا يمكن أن يقولها أحد؛ إنما اختلفوا في درجة نسبة الصحيح إلى الفاسد، أو نسبة الفاسد إلى الصحيح.

"وكان ممن هجّن الشعر وأفسده وحمل كل غُثاء، محمد بن إسحاق مولى آل مخرمة بن المطلب بن عبد مناف. وكان من علماء الناس بالسير فنقل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها، ويقول لا علم لي بالشعر إنما أوتي به فأحمله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015