إلى أن هذا الأمير العربي المهاجم هو "أذينة" ملك تدمر وزوج الملكة الزباء1. غير أن اشتهار ملوك الحيرة عند العرب بـ"آل نصر" وقرب الحيرة من مدينة "نهردعة" واتصال عربها بالجاليات اليهودية يحملنا على التفكير في أن المهاجم هو أمير من أمراء "آل نصر", ملوك الحيرة، وهم حلفاء الفرس.
وورد في الأخبار أيضا أن مدينة "فومبديثة" "Pumbaditha" تعرضت للغزو أيضًا، وهي من أمهات مدن الجاليات اليهودية. هاجمها جيش جاءها من "عاقولاء" ويظهر أنه من قوات "آل نصر" ملوك الحيرة2.
وقد كانت مدينة "فومبديثة" محاطة بالأعراب؛ ولذلك كانوا يتعاملون معهم، ويأتون إليهم, ويذبحون عندهم. وقد جاء في الأخبار أن أحبارها قد أباحوا لأهلها التعامل مع الأعراب في أيام أعيادهم، أي أعياد الأعراب؛ وذلك لأن أعياد الأعراب لم تكن ثابتة، تحل في وقت معين وفي مواسم مثبتة, لذلك جوزوا لهم البيع فيها؛ لأن أحكام التلمود تمنع اليهود من التعامل مع الغرباء في أيام أعيادهم, إذا كانت تلك الأعياد أعيادًا دينية.
ولما كانت الشريعة اليهودية لا تعتبر العيد عيدًا مقدسًا دينيًّا إلا إذا كان يقع في أوقات ثابتة معينة لا تتغير ولا تتبدل في التقويم؛ لذلك أفتى الأحبار بعدم اعتبار أعياد الأعراب أعيادًا دينية، وأباحوا لأهل المدينة التعامل مع المعيِّدين في أيام أعيادهم.
وإلا فما كان يحل لهم بيع الأعراب شيئًا في أيام تعييدهم, وقد باعوا لهم خمرا وحبوبا. أما بالنسبة إلى أعياد الفرس والروم، فقد منع التلمود اليهود من التعامل مع الفرس أو الروم فيها؛ لأنها أعياد ثابتة وقد نص على مواعيدها، وأشير إليها في التلمود, لذلك طلب من اليهود الامتناع عن بيع الفرس والروم شيئًا في أعيادهم3.
ويذكر التلمود أن الأعراب "طيعة" "طيية" "طياية"، المجاورين لموضع "صقونية" "Sikunya" طلبوا من أهله وهم يهود, أن يذبحوا لهم ذبائح في مقابل إعطائهم لحومها وجلودها، أما دمها فيجمع ويعطى للأعراب, وذلك