لقد كنا في سفر في صحراء، فالتقى بنا تاجر عربي، وكان ممن يستطيع التنبؤ بمواضع المياه وبالأبعاد وبالطرق من شم التربة، فأردنا الاستفسار منه عن أقرب مكان إلينا فيه ماء. فقال لنا: أعطوني رملًا فأُعْطِيَ، فشمه ثم قال: أقرب مكان إليكم فيه ماء هو على بعد ثمانية فراسخ "Parasangs" ثم سرنا وأردنا الاستفسار ثانية منه، فقدمنا له رملًا، شمه ثم قال لنا: الماء على بعد ثلاثة فراسخ من هذا المكان. ثم حاول هذا الحبر اختباره لمعرفة مدى صدقه من كذبه، فأبدل الرمل، فلما قدم إليه رملا آخر؛ لم يستطع أن يقول شيئًا1.
ويقص علينا قصة أخرى يزعم أنها وقعت له مع هذا التاجر العربي، حيث يقول: إنه قال له: تعال معي أُرِك "أموات التيه"، أي: الإسرائيليين الذين ماتوا في التيه في طريقهم إلى أرض الميعاد. فذهب الحبر معه، ورأى الأموات وكأنهم في حالة فرح وسرور، وقد رقدوا على أظهرهم، ثم يقول: وقد رفع أحد هؤلاء الأموات ركبته، ومر التاجر العربي من تحت تلك الركبة، وقد كان حاملًا رمحه راكبًا بعيره، ومع ذلك فإن رمحه لم يمس رجل الميت. ثم يقول: وقد ذهبت إلى أحد الأموات الراقدين فقطعت جزءًا من ذيل ردائه الأزرق العميق، وعندما حاولت الرجوع، لم أتمكن من الحركة وبقيت ثابتًا في مكاني، فقال له العربي: إذا أخذت شيئًا من هؤلاء فأرجعه إلى محله، وإلا فإنك ستبقى ملتصقًا في مكانك؛ لأن من يتطاول على حرمة الراقدين فيأخذ شيئا منهم، يجمد في مكانه، ولا يستطيع التحرك. فذهبت وأرجعت القطعة وتمكنت عندئذٍ من السير2.
ثم يذكر أن هذا التاجر العربي أخذه إلى جبل الطور "جبل سيناء" "Mount of Sinai" فأراه إياه، ثم أخذه إلى الموضع الذي انشق بالقورحيين؛ جماعة "قورح"، فأراه شقين في الأرض، ووجد الدخان لا يزال يخرج منهما، ثم يذكر أنه أخذ قطعة الصوف وأدخلها هو بنفسه ثم أخرجها, وإذا بها وقد علقت بها النار، ثم يقص باقي القصة على نحو ما جاء في "السنهدرين"3.
ونجد في "مينحوت" "Menahoth" فتوى تتعلق في نجاسة أو طهارة قرب