المخضرم هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام1. والشعراء المخضرمون هم الذين عاشوا في الجاهلية وفي الإسلام ونظموا الشعر في العهدين: الجاهلية والإسلام. والمخضرم من يدرك عهدين متناقضين.
والشائع بين الناس أن الإسلام قد سبب في انصراف الناس عن الشعر وعن روايته "بما شغلهم من أمور الدين والنبوة والوحي وما أدهشهم من أسلوب القرآن ونظمه، فأخرسوا عن ذلك وسكتوا عن الخوض في النظم والنثر زمانا ثم استقر ذلك وأونس الرشد من الملة ولم ينزل الوحي في تحريم الشعر وحظره. وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، وأثاب عليه، فرجعوا حينئذ إلى ديدنهم منه"2. وقد نسب إلى "عمر" قوله: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه، فجاء الإسلام، فتشاغلت عنه العرب وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم ولهت عن الشعر وروايته"3، "لما كثر الإسلام، وجاءت الفتوح، واطمأن العرب بالأمصار راجعوا رواية الشعر، فلم يئلوا إلى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، وألفوا وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم