منهم، لا تتحرش به كلابهم، لأنها عرفت ثيابه، وتأكدت أنه واحد منهم، فلا تهر عليه1. وهذا "حاجز" الأزدي، يفخر بانتسابه إلى "بني مخزوم" من قريش، وهم قوم لا يخذلون أحدا إذا استنصر بهم، وجعل حلفه فيهم، إذا أصاب حليفهم مكروه، هرعوا إليه لنجدته، فهم أهل النجدة والكرم2. وهذا "قيس بن الحدادية" يثني على "آل عمرو بن خالد" أحسن ثناء، ويدعو الله أن يجزيهم خيرا لما فعلوا من حميد الفعال لصعلوك خليع3.
والصعاليك كثيرون، وقد خلدت أسماء جماعة منهم في كتب الأدب والأخبار، أشهرهم وأبزرهم: "عروة بن الورد"، و "الشنفرى"، و "تأبط شرا"، و "السليك بن السلكة"، وآخرون.
وللصعاليك بعد قصص في الكتب، وقد بولغ في قصصهم لتؤثر في المسامع، ولتكون لذة للسامعين ومتعة يستمتعون بها أوائل الليل في أوقات سمرهم، وقد رصعت بشعر، على عادة العرب في رواية الأخبار. وفي بعض هذا القصص والشعر أثر الوضع المتعمد، الذي صنع ليمثل الحالة الاجتماعية في ذلك الوقت، حيث كان الأغنياء متخمين بالمال، بينما جيرانهم يموتون جوعا، فكأن هذا القصص قد وضع ليتحدث عن ذلك الوضع. وقد عرف هذاالقصص عند الغربيين كذلك، حيث كان الغنى وكان الفقر، فظهر الصعاليك، وظهر قصصهم وبولغ فيه، وما "روبن هود" الإنكليزي الذي آثر التصعلك وغزو الأغنياء، لإنفاق مايحصل عليه على الفقراء لإعاشتهم، إلا صورة من صور غارة "عروة بن الورد" وأمثاله من الصعاليك، وقد دونت أخبارهم في قصص، وصيغ بعض منها على صورة أشرطة "سينمائية" عرضت ولا تزال تعرض في دور "السينما" وفي "التليفزيون"، لما فيها من بطولة ومروءة ومساعدة ضعفاء واستهتار في الحياة.