فقيل: "أفخر من الحارث بن حلزة"1. ويرى "نولدكه" أن سبب اختيار "حماد" الراوية لهذه القصيدة وضمها إلى القصائد الأخرى المختارة، هو أن حمادا كان مولى لقبيلة "بكر بن وائل"، وكانت هذه القبيلة في عداء مع قبيلة "تغلب"، ولما كان "حماد" قد اختار قصيدة "عمرو بن كلثوم" التغلبي لشهرتها، لم يسع حمادا أن يعدل عن اختيارها، ولكنه اضطر إلى اختيار قصيدة أخرى إلى جانبها تشيد بمدح "بكر بن وائل" سادته، فاختار قصيدة "الحارث بن حلزة" الذي لم يبلغ في الشهرة شهرة الشعراء الآخرين2.
ويزعم أهل الأخبار أنه ارتجلها أمام الملك، بينما يذكرون أنه كان قد قال لقومه قبل ارتجاله لها أمام الملك: "إني قد قلت قصيدة، فمن قام بها ظفر بحجته وفلج على خصمه فرواها ناسا منهم. فلما قاموا بين يديه لم يرضهم فحين علم أنه لا يقوم بها أحد مقامه"، احتملها وأنشدها أمام الملك3. وقد قالها لتكون حجة لقومه في نزاعهم السياسي مع قبيلة تغلب، ودفاعا عنهم أمام الملك4.
ويرى "بروكلمان" أن شعر "الحارث" أقل أصالة من شعر "عمرو بن كلثوم". وهو قريب من شعر "زهير" في ميله إلى مذهب التعليم والتهذيب5. وقد قدم "أبو عبيدة" شعره وجعله أحد ثلاثة نفر اشتهروا بجودة قصائده، إذ قال: "أجود الشعراء قصيدة واحدة جيدة طويلة ثلاثة نفر: عمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة، وطرفة بن العبد"6.
وللحارث بن حلزة شعر يذكر فيه "ابن مارية"، وهو "أبو حسان" "قيس بن شراحيل بن مرة بن همام"، وكان ممن سعى في الصلح بين بكر وتغلب. وفي جملة ما قاله فيه:
وإلى ابن مارية الجواد وهل ... شروى أبي حسان في الأنس7