وفي معلقة "طرفة" أبيات تشير إلى وقوفه على سفن الفرات ودجلة والبحر، إذ يقول فيها1:
كأن حدوج المالكية غدوة ... خلايا سفين بالنواصف من دد
عدولية أو من سفين ابن يامن ... يجور بها الملاح طورا ويهتدي
يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفائل باليد
ويقول فيها أيضا2:
وأتلع نهاض إذا صعدت به ... كسكان بوصي بدجلة مصعد
وزهير بن أبي سلمى، من هذا الرعيل الذي عدت إحدى قصائده من المعلقات. وكان على ما يقال راوية لأوس بن حجر زوج أمه، وكان أوس راوية للطفيل الغنوي، وهو والد "كعب بن زهير" الشاعر الشهير الذي كساه الرسول بردة له، بعد أن كان قد أمر بقتله لما بلغه من هجائه له. فلما سمع "كعب" بذلك جاء إلى المدينة فأسلم، وطلب العفو، وقال قصيدته الشهيرة بحضرة الرسول فعفى عنه وأعطاه البردة. أما والده "زهير"، فقد توفي قبل المبعث، ولا صحة لما ذكره البعض من أنه لقي الرسول3. وقد كان يكنى بـ "أبي بجير"4. وأتى "بجير" النبي وأسلم. وقد زعم أنه رأي رؤيا في منامه، أن سببا تدلى من السماء إلى الأرض وكان الناس يمسكونه، فأوله بنبي أخر الزمان، وأن مدته لا تصل إلى زمن بعثه، وأوصى بنيه أن يؤمنوا به عند ظهوره. ثم توفي قبل المبعث بسنة5.
وهو "زهير بن أبي سلمى"، واسم "أبي سُلمى" ربيعة بن رياح المزني، من مزينة بن أد بن طابخة، وكانت محلتهم في بلاد "غطفان"، فظن الناس أنه من غطفان. وقد ذهب "ابن قتيبة" إلى أنه من "غطفان" ورد على