أي النثر المقفى المجرد من الوزن، الذي تخصص فيه الكهان عند ظهور الإسلام وهو والد "الرجز"، أبسط الشعر، ومن الرجز نشأ بناء بحور العروض، التي يظهر أثر الموسيقى على صياغتها على رأي بعض المستشرقين1، وهو أثر يدل على ما كان للغناء من صلة بالشعر. ولعل هذه الصلة هي التي حملت العلماء على القول بأن بحور الشعر نشأت في الأصل من سير الإبل، من ترنيم الشاعر شعره على إيقاع سير الإبل. غير أن البحث عن هذا الموضوع وعن موضوع كيفية نشوء بحور العروض وصلتها بعضها ببعض لا تزال من الدراسات العويصة المشكلة الشائكة التي لا يمكن الاتفاق عليها، لعدم وجود أسس ثابتة يرتكز عليها الجدل القائم بين الباحثين في كيفية تطور الشعر الجاهلي2. أما أن هذه البحور، قد نشأت من سير الإبل3، فكلام لا يقوم على علم، وهو من باب حدس الحداس، فلدى الشعوب الأخرى شعر، له ترانيم وبحور، ومع ذلك فإنها لم تكن تركب الإبل، ولا تعرف إيقاع أرجلها عند المشي.
وقد قام المستشرقون بدراسة البحور التي نظم الشعراء الجاهليون بها شعرهم، فوجود أن بحر الطويل يأتي في المرتبة الأولى من البحور، يليه الكامل، فالوافر، فالبسيط. أما المتقارب فيوجد عند امرئ القيس، كما يوجد عنده المنسرح قليلًا. واستعمل "طرفة" الرمل في قصيدة يبلغ طولها "74" بيتًا، ترتيبها الخامس في ديوانه4، كما استعمل السريع في قصيدتين5، واستعمل كل من امرئ القيس وطرفة المديد في قصيدة واحدة6، وأما الخفيف، فقد وجد في شعر المرقشين، وعبيد بن الأبرص، وعامر بن الطفيل، والأعشى، ولا يوجد الهزج إلا في قطعتين منحولتين، واحدة لطرفة، وأخرى لامرئ القيس7.
وقد ذهب "غرونباوم" إلى أننا نجد تفننًا في شعر شعراء العراق وفي شعر من احتك بالحيرة من شعراء أكثر مما نجد في شعر أي مكان آخر. وذكر أن شعر