من الشعر الجاهلي. ولو ذكروه لأفادونا ولا شك بذلك كثيرًا، إذ يكون في مقدورنا التوصل إلى معرفة الأشخاص الذين كان لهم فضل حمل هذه الثروة العظيمة من ذلك الشعر. ومما يؤسف له أيضًا هو أن معظم دواوين الشعراء الجاهليين لا يرتفع سندها إلى رواة يتقدم عهدهم على عهد حماد. ولو ارتفعت لاستفدنا منها بالطبع كثيرًا في معرفة أسماء رواة الشعر الجاهلي وحفاظه وجامعيه وكتبته قبل أيام حماد، ولعرفنا بذلك شيئًا عن الموارد التي أخذ منها هذا الراوية ذلك الكنز الثمين.
ولا بد من ذكر السكري في هذا المكان. وهو أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري اللغوي، المتوفى سنة "275هـ". فله مؤلفات عديدة عن الشعر، وشروح للدواوين. منها: شرح أشعار هذيل1، وديوان أبي كبير الهذلي بشرح السكري2، وكتاب أخبار اللصوص، جمع فيه أشعار اللصوص البدو المشهورين3، وأشعار اليهود4، وشرح ديوان زهير5، وديوان امرئ القيس، بروايته6، وشرح ديوان حسان، وقد نقل منه البغدادي7، وديوان الحطيئة، وهو روايته عن ابن حبيب8، وديوان أبي ذؤيب الهذلي9، وشرحه على ديوان عبد الله بن قيس الرُّقَيَّات10، وديوان الأخطل، وهو روايته عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي11، وديوان الفرزدق12.
وقد أخذ السكري من الموارد التي ألفت قبله؛ كما أخذ من علماء المصرين: البصرة والكوفة، دون تعصب أو تحزب، وكان راوية البصريين13.