الجاهليين، وتجاسر بعض الكفار على الرسول، فوصفوه بأنه شاعر. ووصفه بهذه الصفة دليل على ما كان الشعر من أثر في نفوس القوم. وقد ورد في الحديث: أن الرسول قال: "إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمًا"، أو "إن من الشعر لحكمة"1. وفي الأخبار أنه كان يرفع أُنَاسًا ويذل آخرين، وأن من الناس من كان يشتري ألسنة الشعراء. وورد في الحديث، أن الرسول ذكر الشعر فقال: "إن من الشعر لحكمة، فإذا ألبس عليكم شيء من القرآن فالتمسوه في الشعر، فإنه عربي"2. ووردت عنه أحاديث أخرى في حق الشعر3.
وورد في خبر آخر أن "العلاء بن الحضرمي"، لما وفد على رسول الله، قال له الرسول: أتقرأ شيئًا من القرآن؟ فقرأ سورة عبس، ثم زاد فيها من عنده: "وهو الذي أخرج من الحبلى نسمة، تسعى بين شراسيف وحشى، فقال رسول الله كفَّ فإن السورة كافية، ثم قال: أتقول شيئًا من الشعر؟ فأنشده:
وحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم ... تحيتك الأدنى فقد يدبغ النَّعلُ
فإن دحسوا بالكره فاعفُ تَكَرُّمًا ... وإن أخنسوا عنك الحديثَ فلا تسل
فإن الذي يؤذيك منه استماعه ... وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
فقال النبي: "إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكما 4 ".
وورد أن الرسول كان يسأل الصحابة أن يسمعوه شعرًا، سأل مرة "الشريد بن سويد الثقفي" أن ينشده شيئًا من شعر أمية بن أبي الصلت، فأنشده مائة بيت، فقال الرسول: كاد أمية بن أبي الصلت أن يُسْلِم، أو أن كاد ليسلم5. وكان الرسول يقول: أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد: أَلَا كُلُّ شَيءٍ