وكان الخليل بن أحمد رأس العاملين بالقياس في فتاوي النحو. كان قياسًا بارعًا فيه. قيل عنه: إنه سيد قومه، وكاشف قناع القياس في علمه1. وقد تأثر سيبويه بقياس الخليل، فاستعمله في تثبيت العربية. فتجد في كتابه جملا مثل: وللقياس كذا أو والقياس يأباه، وسألت الخليل عن قول العرب ما أميلحه، فقال: لم يكن ينبغي أن يكون في القياس لأن الفعل لا يحقر، وإنما تحقر الأسماء"2.

وقد انقسم علماء اللغة والنحو إلى فئتين بالنسبة لاستعمال القياس في اللغة والنحو. ولكن الأغلبية معه، وقد وقع فعلا، وأثَّر في وضع القواعد أثرًا خطيرًا. فبه أوجد النحاة كليات القواعد. "قال ابن الأنباري: اعلم أن إنكار القياس في النحو لا يتحقق لأن النحو كله قياس، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو، ولا يعلم أحد من العلماء أنكره. وينسب إلى الكسائي أنه قال:

إنما النحو قياس يتبع ... وبه في كل أمر ينتفع3

ولعلماء اللغة، كلام طويل في مدى جواز استعمال القياس، وفي حالة ورود السماع لأن اللغة في نظر بعض منهم سماع، فإذا كانت سماعًا، وجب الأخذ بالسماع، فإذا ورد السماع بطل القياس4. وقد تحدث العلماء عنه. قال ابن فارس: "أجمع أهل الغة -إلا من شذ عنهم- أن للغة العرب قياسًا، وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض". غير أنه قال: "وليس لنا اليوم أن نخترع، ولا أن نقول غير ما قالوه، ولا أن نقيس قياسًا لم يقيسوه، لأن في ذلك فساد اللغة وبطلان حقائقها، ونكتة الباب أن اللغة لا تؤخذ قياسًا نقيسه الآن نحن"5.

ولابن جني رأي في القياس. قال: "واعلم أنه إذا أدَّاك القياس إلى شيء ما، ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشيء آخر على قياس غيره، فدع ما كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015