وضع النحو، دعوى لا يعوَّل عليها، ولا أساس لها، وإنما هو وليد الحاجة التي أحس بها الأعاجم من آراميين وفرس، لتعلم العربية، وللتكلم بها على وجه صحيح1.
وقد ألف بعض المستشرقين بحوثًا في موضوع النحو العربي ومدارسه، منهم المستشرق "فلوكل"2، و"هول"3، و"رايت"4، وغيرهم، وقد تطرقوا فيها إلى قواعد العربية وآراء علمائها فيها.
وقد ذهب بعض المحدثين مذهب المستشرقين القائلين بتأثر النحو العربي بالنحو اليوناني، وذلك لأمور، منها: أن تقسيم الكلم المألوف المتبع في النحو، هو تقسيم يوناني، واعتبار القياس أصلا من أصول النحو، ووجود مدارس سريانية كانت تدرس علوم النحو في مدارسها عند ظهور الإسلام، ووجود يونان وأديرة في العراق، فهذه الأسباب وأشباهها تحمل الإنسان على القول إن النحو العربي قد تأثر بالنحو اليوناني وبمنطق أرسطو خاصة، ولا سيما وأن النحو قد ظهر في العراق، وهو ملتقى الحضارات. وقد تأثر خاصة في عهد "الخليل بن أحمد" الذي كانت له صلات وثيقة مع العلماء السريان، مثل حنين بن إسحاق وأضرابه، حتى ذهب بعض الباحثين إلى وقوف الخليل على اللغة اليونانية.
وقد ذهب "مصطفى نظيف" إلى أن يعقوب الرهاوي، كان من معاصري أبي الأسود الدؤلي، وكان من تلامذة سويرس سيبخت، ومن البارعين في الفلسفة والنحو والتأريخ، ومن المؤلفين في النحو السُّرياني، ومن الذين أدخلوا التنقيط والحركات. وكان في البصرة، والبصرة ملتقى الثقافة، وحولها أديرة ومدارس، وهي غير بعيدة عن "جندبابور"، فلا يستبعد إذن تأثر أبي الأسود بهذه التيارات اليونانية التي كانت هناك5.