عنهم، نالوا من رسول الله، "وقالوا: من رسول الله! لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد"، فلما عادا إلى رسول الله قالا: "عضل والقارة. أي كغدر عضل والقارة"، فاللحن هنا بمعنى الإيماءة والإشارة والرمز1، فاللحن هنا أن تريد الشيء فتوري عنه2.

والذي أريده من اللحن، الخطأ في الكلام، والزيغ عن الإعراب، وهو معنى لا نستطيع فهمه من النصوص الجاهلية، لخلو تلك النصوص من الحركات، ومن الإشارة إلى قواعد لغاتها. ولذلك فلا مناص لنا لفهمه إلا بالرجوع إلى الموارد الإسلامية. وهي تذكر أن اللحن بهذا المعنى، لم يظهر إلا في الإسلام، ظهر بسبب دخول الأعاجم في دين الله، واختلاطهم بالعرب، وأخذهم لغتهم واتصال العرب بهم، ففسدت الألسنة، وظهر اللحن بين الموالي وبين العرب. وقد عيب ظهوره في العربي، حتى عُيِّرَ من ظَهَر اللحن على لسانه، فلما فشا وكثر، صار شيئًا مألوفًا حتى غلب على ألسنة الناس. وهم يذكرون أن العربي القُحُّ الأصيل، لم يكن يخطئ في كلامه، لأنه يتكلم عن طبع وسجية، ومن كان هذا شأنه، لا يقع اللحن في كلامه، أو لأنهم كانوا يتأملون مواقع الكلام ويعطونه في كل موقع حقه وحصته من الإعراب عن ميزة وعلى بصيرة3.

يقول العلماء: وكان أول لحن ظهر بين العرب على عهد النبي، فقد رووا أن الرسول سمع رجلا يقرأ فلحن، فقال: ارشدوا أخاكم4، أو ارشدوا أخاكم فإنه قد ضل5، ثم فشا وانتشر في مواضع الاختلاط خاصة، حيث اختلط العجم بالعرب، كالعراق وبلاد الشام ومصر، حتى دخل أعمال الحكومة، فأخطأ الكتاب في النحو، وأفحشوا في الإعراب، فكتب كاتب من كتاب "أبي موسى" الأشعري كتابًا فيه، "من أبو موسى ... " أو ما شابه ذلك من خطأ في القول، فكتب "عمر" إلى عامله: "سلام عليك. أما بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015