"لا أمثل، فيمثل الله بي، وإن كنت نبيًّا. دعه يا عمر، فعسى أن يقوم مقامًا تحمده". فلما هاج أهل مكة عند الذي بلغهم من وفاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قام خطيبًا، فقال: "أيها الناس، إن يكن محمد قد مات، فالله حي لم يمت، وقد علمتم أني أكثركم قتبًا في بَرّ، وجاريةً في بحر، فأقروا أميركم وأنا ضامن، إن لم يتم الأمر، أن أردها عليكم". فسكن الناس1.

وهو الذي قال يوم خرج آذن عمر، وبالباب عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وفلان، وفلان، فقال الآذن: أين بلال؟ أين صهيب؟ أين سلمان؟ أين عمار؟ فتمعرت وجوه القوم، فقال سهيل: لم تتمعر وجوهكم؟ دُعُوا ودعينا، فأسرعوا وأبطأنا، ولئن حسدتموهم على باب عمر، لا أعدّ الله لهم في الجنة أكثر2. وفي هذا الجواب دلالة على عقل فاهم للواجب مدرك لمهمات رئيس الدولة، ولما يجب أن تقوم الحكومة عليه، لا يبالي بالعنعنات القديمة وبالعرف القبيلي الجاهلي.

وروي "أنه لما ماج أهل مكة عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وارتد من ارتد من العرب، قام سهيل بن عمرو خطيبًا. فقال: والله إني لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم -يعني: أبا سفيان- فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم، ولكنه قد جثم على صدره حسد بني هاشم. وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالمدينة"3. وقد كان مخلصًا في عقيدته مطيعًا لأمر الحاكم، ذكر أنه حضر "الناس باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيهم سهيل بن عمرو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015