وإذا ما أخذنا بنظرية القائلين: إن جزيرة العرب هي مهد الساميين، جاز لنا أن نقول عندئذ: إن معظم أهل الخصيب والبادية هم من معمل تفريخ الجنس السامي الكائن في تلك الجزيرة، وإن ذلك المعمل هو الذي أمد هذه الأرضين الممتدة من إيران إلى البحر المتوسط بسلالات الساميين. فصلة جزيرة العرب بالهلال الخصيب صلة قديمة ترجع إلى الأيام الأولى من أيام الساميين، على هذه النظرية، وربما ترجع إلى أقدم من تلك الأيام.
وسنرى فيما بعد أن حكام العراق كانوا قد استولوا على العروض في الألف الثالثة أو قبلها قبل الميلاد، وأنهم نزلوا في البحرين وفي جزر أخرى من جزر الخليج، وأن أصل الفينيقيين هو من البحرين في رأي كثير من العلماء، منها هاجروا إلى أرض "فينيقية" وسواحلها، وما كان ذلك ليتم لو كانت جزيرة العرب بمعزل عن الهلال الخصيب أو عن بادية الشام, أو أن الهلال والبادية كانا بمعزل عن جزيرة العرب.
وقد ذكر أن جماعة من تجار "أور" كانوا يتاجرون في حوالي السنة 2000ق. م مع البحرين, وكانوا قد أنشئو أسطولا لنقل التجارة1. ويقال: إن "سرجون" الأكادي استولى في حوالي السنة "2300 ق. م." على البحرين وقطر، وإن البحرين كانت في حوالي السنة "1750 ق. م." في يد قبيلة اسمها "أكاروم" "أجارم" "صلى الله عليه وسلمgarum"، وهو اسم قريب من "أجرم"، وإنها كانت تدفع الجزية إلى الملك "أسرحدون"2. وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن "صلى الله عليه وسلمgarum" هم أهل مدينة "هجر" التي هي الأحساء3.
وقد كانت العلاقات التجارية مستمرة دومًا بين البحرين وبين العراق, إذ كانت "دلمون" محطة مهمة جدا للتجارة بين الهند وإفريقيا وسواحل الخليج والعراق, تستورد الأخشاب من الهند ومن إفريقيا كما تستورد الحاصلات الأخرى وتنقل النحاس من عمان، فتبيع ذلك إلى جنوب العراق، وربما حملت تلك التجارات بسفن يملكها أهل "أور" أو غيرهم خلال نهر الفرات، لنقلها من