وهكذا أسلم -على حد قول أهل الأخبار- والفضل يعود في ذلك إلى "رئيه" "شصار" الذي أسلم قبله، وهو من الجن، والجن مثل البشر، منذ ظهر الإسلام بين مسلم وكافر. ولما أسلم "خنافر"، قال شعرًا يحمد الله فيه على أن منّ عليه بالإسلام، ويذكر "رئيه" "شصار" بالخير، إذ لولاه لكان في نار جهنم1.
وأسندوا له قوله:
ألم ترَ أن الله عاد بفضله ... وأنقذ من لفح الجحيم خنافرا
دعاني شصار للتي لو رفضتها ... لأصليت جمرًا من لظى الهون جائرًا
وهو خبر يرجع سنده إلى "ابن الكلبي". وقد ذكر في الأخبار المنثورة لابن دريد. وقد ذكر أنه أسلم على يد معاذ بن جبل باليمن2. لا أدري كيف حفظه "ابن الكلبي" ورواه عن والده، الذي صنعه ووضعه، إلا أن يكون والده قد حضر المحاورة فكان يسجلها، وهو ما يعد من المستحيلات.
وقد أمات الإسلام "الكهانة"، فقد اجتثها وحاربها، وحث على نبذ سجع الكهان وأساليب الكهان في الملبس، فكان منهم من قاوم، ثم انخذل، بدخول قومه في دين الله، فدخل معهم في. وفي كتب أهل الأخبار قصص على نمط قصة إسلام "خنافر"، وكلام دار بينهم وبين "رئيهم"، دوّنه أهل الأخبار بالحروف والكلم، لم يتركوا منه حرفًا، وكأنهم كانوا كتاب ضبط محضر جلسات أمروا بتدوين كل محضر ساعة وقوعه. وتجد أخبار الكهان، وما لاقوه من عنت من "رئيهم" حين أدركوا الإسلام، وما أخبروا به من قرب ظهور الرسول كأخبار العراف اللهبي "العائف"3، و"الغيطلة" الكاهنة4، والكاهن "خطر"5"،