لغتهم بموتهم، فما يذكرونه من ألفاظ لغاتهم الواردة في القرآن، هو مما لا أصل له إذن. ثم إنهم نسبوا ألفاظًا إلى "حمير"، وجدنا أنها ليست حميرية أبدًا، أضف إلى ذلك أنهم لم يدرسوا العربيات الجاهلية دراسة علمية، ولم يكن لهم علم بها، ولهذا فما ثبتوه ودوّنوه عن اللغات العربية في القرآن، لا يمكن الأخذ به، لأنه لا يستند على علم بالموضوع، ولا على دراسات لتلك اللهجات.

ومن أمثلة ما ذكروه على أنه من لسان "حمير"، الأرائك، ولا وزر، بمعنى لا جبل، وحور، ولهو، بمعنى: المرأة، ولا تفشلا، وعثر، وسفاهة، وزيلنا، ومرجوا، وإمام. وغير ذلك1، وذكروا أن "باءوا"، وشقاق، وخيرًا وكدأب، وأراذلنا، ولفيفا، وغير ذلك من لغة جرهم2، وهي كلها من تخرصات من نسبها إلى جرهم، لما قالوه أنفسهم من هلاك جرهم قبل الإسلام بزمان طويل، فمن أبلغهم إذن أن هذه الألفاظ من ألفاظ جرهم، ولِمَ نزلت في القرآن، وقد نزل الوحي للأحياء وليس للأموات!

وقد ذهب البعض مذهبًا بعيدًا في اللغات الواردة في القرآن، فذهب إلى أن "غساق"، بمعنى المنتن بلسان الترك، وهو بالطخارية3، وأن "سيدها" زوجها بلسان القبط، وأن "الأرائك" بالحبشية، وأن "سبحى" بلسان الحبشية، وأن "الجبت" الشيطان بلغة الحبش، وأن "حرم" بمعنى وجب بالحبشة، وأن "سكر"، بمعنى الخَلّ بلغة الأحباش، وأن "سينين" بمعنى الحسن بلسان الحبشة، وأن "شطر" حبشية، وأن "العرم" حبشية، وأن "قنطار" بلسان أهل إفريقية، إلى غير ذلك من ألفاظ4.

ونجد رواية تذكر أن الصحابة لما تشاوروا في أمر تسمية القرآن، ما يسمونه؟ "فقال بعضهم: سموه السفر، قال: ذلك اسم تسمية اليهود، فكرهوه، فقال: رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف، فاجتمع رأيهم على أن يسموه المصحف"5، فجعلوا اللفظة حبشية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015