وتولدت في الإسلام معان خاصة لألفاظ جاهلية غلبت عليها واختصت بها، وإلى معانيها الجديدة قصد في الإسلام، كما ماتت ألفاظ جاهلية أماتها الإسلام، بسبب أنها كانت تؤدي معاني خاصة بالنسبة لذلك الوقت، فقد روي أن النبي قال: "لا تقولوا دعدع ولا لعلع، ولكن قولوا: اللهم ارفع وانفع. فلولا أن للكلمتين معنى مفهومًا عند القوم ما كرههما النبي"1، وروي أنه نهى عن قول: خبثت نفسي، واستأثر الله بفلان2.
ومن الألفاظ الإسلامية: المؤمن، والمسلم، والكافر، والمنافق3، ومخضرم، وصلاة، وصوم، وغير ذلك. ومن الألفاظ التي كانت فزالت بزوال معانيها: المرباع، والنشيطة، والفضول، والإتاوة، والحلوان، وأبيت اللعن، والنوافج، للإبل تساق في الصداق، وحجرًا محجورًا، لمعنيين: الحرمان، إذا سئل الإنسان قال: حجرًا محجورًا، والوجه الآخر الاستعاذة4، وأنعم صباحًا، وأنعم مساءً، وأنعم ظلامًا، وعموا صباحًا، وعموا ظلامًا، إذ حل السلام محلها في الإسلام5.
وظهرت الحاجة في الوقت نفسه إلى وضع قواعد في نحو وصرف هذه اللغة، لصيانة اللسان من الخطأ، وليتعلم الأعاجم بها كيفية النطق بفصاحة وسلامة بهذا اللسان الجديد عليهم. فكان ما كان من وضع النحو مستعينين بالأسس النحوية "الغراماطيقية"، التي كانت قد وجدت سبيلها إلى العراق من أصول قديمة، ثم بتتبع كلام العرب وبالاستقراء، وقياس القواعد بعضها على بعض وبالتعليل، يعللون النحو ويعتبرون به كلام العرب، ثم لم يكتفوا بذلك كله، فأخذوا من هؤلاء ومن هؤلاء علمًا كثيرًا باللغة وبالشعر وبالغريب وبالنوادر وبكل ما يتصل بالعربية من أسباب حتى جمعوا ما جمعوه من تراث هذه اللغة الخالد في بطون الكتب.