ولا يغزون، ومعاشهم على الغارات والغزو. ففعلوا النسيء، لإحلال ذمتهم من حرمة محرم، ولتجويز القتال فيه، فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانًا، ثم يزول التحريم إلى المحرم، ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة1. وقد عرف بعض العلماء النسيء بأنه تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر2. و"العرب تقول: نسأ الله في أجلك، وأنسأ الله أجلك، أي: أخر الله أجلك"3.

فهم كانوا يستحلون ترك الحج في الوقت الذي هو واجب فيه، ويوجبونه في الوقت الذي لا يجب فيه، وجوزوا ذلك عليهم حتى ضلوا باتباعهم هذا التجويز.

بأن جعلوا الشهر الحرام حلالًا، إذا احتاجوا إلى القتال فيه، وجعلوا الشهر الحلال حرامًا، ويقولون: شهرًا بشهر، وإذا لم يحتاجوا إلى ذلك لم يفعلوه4.

فكانوا "يحجون في كثير من السنين، بل أكثرها في غير ذي الحجة"5، ومن هنا تلاعبوا بالأشهر وأخرجوها عن حقيقتها، بأن جعلوا الشهر الحرام حلالًا والشهر الحلال حرامًا، فخالفوا بذلك ما اتفق عليه من تحريم أشهر بعينها هي من الأشهر الحل، ومن تحليل أشهر هي الأشهر الحرم.

وإذا أخذنا بما جاء على لسان بعض الشعراء عن النسيء، مثل قولهم:

ألسنا الناسئين على معدّ ... شهور الحل نجعلها حراما

وقول أحدهم:

وكنا الناسئين على معد ... شهورهم الحرام إلى الحليل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015