سنتهم به. فالمحرم، هو أول شهر من شهور السنة في حسابهم، ولابتدائهم به، فقد تكون له حرمة خاصة عندهم.
وقد نسب أهل الأخبار شهر رجب إلى مضر، فقالوا: رجب مضر، وقد أشير إلى ذلك في الحديث أيضًا، مما يدل على أن هذا الشهر هو شهر مضر خاصة.
وقد ذكر العلماء أنه إنما عرف بذلك؛ لأنهم كانوا أشد تعظيمًا له من غيرهم، وكأنهم اختصوا به1. وذكروا أيضًا أنهم كانوا يرجبون فيه، فيقدمون الرجبية، وتعرف عندهم بالعتيرة، وهي ذبيحة تنحر في هذا الشهر. ويقال عن أيامه هذه أيام ترجيب وتعتبر2.
ويذكر علماء الأخبار أن تأكيد الرسول على "رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" في خطبة حجة الوداع، هو أن ربيعة كانت تحرم في رمضان وتسميه رجبًا، فعرف من ثم بـ"رجب ربيعة"، فوصفه بكونه بين جمادى وشعبان تأكيد على أنه غير رجب ربيعة المذكور الذي هو بين شعبان وشوال. وهو رمضان اليوم3. فرجب إذًا عند الجاهلين رجبان: رجب مضر ورجب ربيعة، وبين الطائفتين اختلاف في مسائل أخرى كذلك.
ومما يؤيد أن شهر "رجب" كان شهر مضر المحرم عندهم بصورة خاصة، ما ورد في أقوال علماء التفسير من أن "الشهر الحرام" الوارد في الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} 4، هو شهر "رجب"،وهو شهر كانت مضر تحرم فيه القتال5. وما ورد في الآية: