عوف بن لؤي". وكانوا يحرمون ثمانية أشهر من السنة. وقد امتنعت بعض القبائل من الإغارة عليهم في هذه الأشهر1. فالبسل إذن جماعة تعظم ثمانية أشهر من السنة، وتحرمها فلا تقاتل فيها فهم يختلفون إذن عن "المحرمين" من قريش ومن دان بدينهم في أنهم يحرمون ثمانية أشهر من أشهر السنة ويحلون الأربعة الباقية، أي: على العكس منهم، يفعلون ذلك تعمقًا وتشديدًا2.

والبسل كما يتبين من تفسير علماء اللغة لها: الحرام. ولهذا قالوا: الإبسال: التحريم. ومن ذلك قيل للأشهر الحرم: "البسل". وهي الأشهر الثمانية التي حرمها قوم من "غطفان" و"قيس". وبهذا المعنى وردت في قول الأعشى:

أجارتكم بسل علينا محرم ... وجارتنا حلّ لكم وحليلها3

وذكر أنها تعني الحرام وأيضًا الحلال. وهي من الأضداد4.

فنحن إذن أم طائفتين من العرب المحرمين للشهور. طائفة اقتصرت على تحريم أربعة أشهر من السنة، جعلتها أشهرًا حرمًا. وطائفة جعلت عدة الشهور الحرم ثمانية، وعدة الشهور الحل أربعة، وهم أقل عددًا من الطائفة الأولى.

ولكننا نجد طائفة أخرى من الجاهليين، استهترت بحرمة كل الأشهر، فلم تحرم أي شهر من شهور السنة، ولم تعترف لها بقدسيته، وساوت بين جميع أشهر السنة، بأن أحلتها كلها، فعرفوا بالمحلين وهم عكس "المحرمين". فقد نص أهل الأخبار على وجود قوم من العرب هم: خثعم وطيء، ذكروا أنهم كانوا يستحلون الأشهر الحرم فيقاتلون فيها، ولايقدسونها ولا يرعون للحرم ولا للأشهر الحرام حرمة. وذكر بعضهم أن أحياء من قضاعة ويشكر والحارث بن كعب كانوا على مذهب هؤلاء5. فهم لا يفرقون بين الأشهر، ولا يميزون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015